فقدت زوجها.. فاستثمرت القمامة لأيتامها!
دمشق - علي محمد طه
إذا كان موت الزوج مبكرا مأساة لكل زوجة خاصة عندما يكون هنالك أطفال؛ إلا أن السورية سمر قصاب استطاعت أن تخط بيدها تجربة مختلفة، حيث حولتها المعاناة إلى إنسانة مبدعة استطاعت أن تستخرج من القمامة الرزق لأطفالها الأيتام.
ورغم كل ما يردده أهل دمشق عن هذه المرأة الشجاعة؛ إلا أن زيارة واحدة لمنزلها يعطي انطباعا للوهلة الأولى بأننا أمام متحف مليء بالإبداعات التي صاغتها يدها، والتي كانت نتيجة موهبة منحها إياها الخالق سبحانه وتعالى.
تقول سمر لمراسل mbc.net: بعد خبرة السنين، الإنسان إذا حكم عقله وطور قدراته سيجد رزقه حوله، "وهذا ما حاولت أن أفعله حتى أواجه رعب الفقر الذي يتهدد أولادي بعد وفاة زوجي، فتلك العزيمة هي سنة الله في خلقه"، مشيرة إلى أنها كانت تفكر دائما لماذا لا نستفيد من مخلفات المنازل، ونخلق لوحا جميلة وبالتالي نحمي البيئة، فالمجتمعات العربية الاستهلاكية تلقي بأشياء كثيرة للقمامة يمكن إعادة تدويرها والاستفادة منها.
وتروي السيدة السورية تجربتها قائلة: منذ طفولتي عشت حياة فقيرة وتعلمت أن لكل شيء قيمة، لذا كنت أفكر دائما في كيفية تحويل الأشياء التي نلقيها في سلة المهملات والقمامة، كالمعلبات والكرتون والزجاج وقطع البلاستيك وأوراق الحلوى إلى أشياء مفيدة تتحول بلمسة يد من مخلفات إلى منتجات وهدايا تباع بأسعار جيدة.
وتضيف أنها بدأت في صنع تحف ومجسمات لتزيين المنازل والسيارات، فمثلا قشور الجوز والبندق والفستق وبذر الزيتون قد تصبح غلافا لهدية رائعة أو أطواق ترتديها النساء أو مسابح جميلة.
البيئة الدمشقية
ويبدو أن ثمة علاقة بين نشأة سمر في البيئة الدمشقية وقدرتها على تحويل المخلفات إلى تحف، وتقول: "كوني ابنة دمشق التي تربيت في أزقتها وشوارعها جعلني أتحول إلى سيدة تضفي على كل ما تصنعه روح دمشق، فأقوم بصناعة مجسمات لأحياء دمشق القديمة وشوارعها وبيوتها والأنماط التي تختص بهذه البيوت من الداخل والخارج بطريقة تجسد لناظرها بكل سهولة شكل البيت الدمشقي وتسهل له معرفة خصوصيات هذا البيت العريق".
ومن أوراق الشجر والأغصان وحجارة السواحل وعلب المشروبات الغازية بالإضافة إلى الصلصال تصنع سمر مناظر جميلة ومنسقة تحوي لناظرها بأنه يشاهد دمشق القديمة بكل تفاصيلها الدقيقة.
لم تكتف سمر بذلك بل إنها استطاعت أن تحول نفسها إلى مربية ومعلمة تساعد الأطفال ليساهموا في الابتكار، من خلال سلسلة من الإبداعات في الوسائل التعليمية التي ابتكرتها تلك المرأة السورية، حيث تحاول من خلالها إيصال المعلومة للأطفال بطريقة سهلة، حتى إن بعض دور رياض الأطفال تبنت مجسماتها التعليمية.
وتقول سمر: إنها لا تحب ما هو متاح من حولها في الأسواق، لأنها تستطيع عمل ما أفضل منها وبأشياء متاحة وبسيطة ورخيصة، فغالبا ما أصنع الأشياء التي لا أريد شراءها من السوق في المنزل لأنها مبتذله ومنتشرة، وأنا أحب التميز فيما لدي من أشياء لتكون مختلفة، فمن علاقات الملابس إلى صندوق القمامة إلى الأشياء الجمالية، وانتهاء بكل سيئ يمكن لليد صنعه في منزلها".
وتتابع بأن معظم الأشياء والهدايا التي يقدمها أطفالها إلى أقرانهم في المناسبات تقوم بصنعها في المنزل وبذلك هي تصنع أشياء منفردة ليست موجودة عند الآخرين.
وتدعو السورية سمر كل امرأة أن تفكر ابتداء من بيتها لتبتكر أشياء جميلة وسهلة يمكن صنعها محليا وبهذا تقلل من تفاقم حجم النفايات المضرة في البيئة وتصبح عضوا فاعلا في مجتمعها.
وتحلم تلك المرأة المثابرة أن يأتي اليوم الذي تقدم فيه خبرتها في مجال الأشغال اليدوية عبر البرامج الإعلامية لكل سيدة في مجتمعنا لتساهم في تقدم المستوى المهني واليدوي عند كل امرأة عربية.
إم بي سي نت
موضوع: سوريّة حولها الفقر إلى مبدعة 
الأحد أكتوبر 05, 2008 3:49 am
